تحقيق صحفي لتنوير الرأي العام المحلي بإقليم السمارة

هشام العباسي

وسط استياء عارم واستنكار شديد من طرف فعاليات المنظومة المحلية بإقليم السمارة، قامت إحدى صفحات مواقع التواصل الاجتماعي تحمل إسم “المرصد الوطني لمحاربة الرشوة وحماية المال العام فرع السمارة” بنشر نسخة من بيان تحت عنوان “صرخة حقوقية” مذيل بتوقيعات كل من المنسق العام والجهوي والإقليمي للمرصد المذكور.
هذا البيان المقتضب تضمن ادعاءات فضفاضة للموقعين عليه الذين حسب قولهم قاموا بجولة ميدانية بمدينة السمارة وعاينوا مظاهر تفشي الفساد الإداري والمالي وتدهور البنية التحتية والمرافق الاجتماعية بشكل عام.

وتنويرا للرأي العام المحلي حول مدى صدقية ما جاء في هذا البيان، بادر فريق من الإعلاميين المحليين إلى القيام بتحقيق صحفي وربط الاتصال بمختلف الفاعلين المحليين المعنيين من هيئات منتخبة ومصالح إدارية من أجل استقصاء ردودهم والاطلاع على المعطيات التي قد تؤكد أو تفند الادعاءات الواردة في البيان.

وقد ركز هذا التحقيق الصحفي على المنشآت والمرافق التي ساقها البيان كأمثلة على تفشي الفساد المالي والإداري بمدينة السمارة حيث تأكد للفريق الإعلامي بما لا يدع مجالا للشك أن الادعاءات الواردة في البيان مجانبة للصواب جملة وتفصيلا بشكل صارخ، وذلك بعد الاطلاع على المعطيات الرسمية والمعلومات التقنية الخاصة بكل منشأة أو مرفق أشار له البيان، وسيتم نشر تقرير مفصل عن هذه المعطيات قريبا في مقال لاحق لتوضيح حقائق الأمور ومنعا لكل تضليل للرأي العام المحلي.

لكن يبقى السؤال مطروحا لدى النخبة المثقفة بمدينة السمارة حول أهلية وكفاءة مصدري هذا البيان والآليات التي اعتمدوها ليتمكنوا من افتحاص الأداء الإداري والمالي للمنظومة المحلية بعد جولة ميدانية فقط قاموا بها في أرجاء المدينة وخلالها لم يكلفوا أنفسهم عناء التواصل مع المؤسسات الإدارية المعنية أو الهيئات المنتخبة أو أرباب المقاولات المحلية قصد التقصي عن حيثيات الاختلالات التي يدعون معاينتها خلال جولتهم.

والمثير للتساؤل أيضا في ادعاء المعنيين بالأمر توفرهم على “الحجة والدليل” على كون مدينة السمارة مرتعا لأشكال وأنواع الفساد المالي والإداري، لماذا التكتم على الحجج والدلائل وعدم نشرها رفقة البيان أو إعداد ملف خاص بها وإحالته على المصالح المركزية للوزارات المعنية ؟!
وأخيرا ينبغي الإشارة أنه تأكد من مصادر موثوقة أن رئيس المرصد الوطني لمحاربة الرشوة وحماية المال العام قد استهجن مضامين البيان وصرح بأن نشاط المعنيين بالأمر ليس سوى مبادرة فردية، نافيا وجود أي تنسيق مع المرصد الوطني في هذا الشأن وأنه سوف يتحرى الأمر ويتخذ الإجراءات اللازمة في الموضوع.
وبالفعل، فإن المغالطات التي جاءت في البيان المذكور تسيء إلى مصداقية المرصد الوطني لمحاربة الرشوة وحماية المال العام الذي يفترض أن يتحرى الدقة والموضوعية في رصد أي اختلالات تشوب تدبير الشأن المحلي من قبيل الارتشاء أو اختلاس المال العام، وذلك وفق الضوابط القانونية والآليات المتعارف عليها في ممارسة الحق في الحصول على المعلومات وتفعيل المقاربة التشاركية وتخليق الإدارة العمومية.

أترك تعليقا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *