مشروع حافلات “أمل واي بأكادير” .. وعود كبيرة ونهاية مثيرة للجدل

تحول مشروع حافلات “أمل واي” في مدينة أكادير إلى قضية رأي عام، بعد تأخر تشغيله لعدة أشهر، رغم التوقعات الكبيرة التي رافقت إطلاقه ضمن مخطط التهيئة الحضرية الذي أطلقه الملك محمد السادس في فبراير 2020. المشروع الذي كان يُنتظر أن يُحدث نقلة نوعية في النقل الحضري، أصبح محط انتقادات لاذعة من السكان ورواد مواقع التواصل الاجتماعي، الذين لم يترددوا في وصفه بأنه “مشروع معطل لا يتجاوز الوعود”.

تصميم على الورق 

التأخر في تشغيل الحافلات، التي وُصفت بأنها صديقة للبيئة وتعمل بالغاز الطبيعي والطاقة الكهربائية، أثار موجة من السخرية. وانتشرت تعليقات ساخرة مثل: “فاش كاتشري الطوبيس من جوميا كاتختار الأول ولكن كايوصلك الثاني“، وأخرى تقول: “الواقع ليس هو ما رأيناه في الإشهار والصور، المهم غير قضو باش ما كان هادشي ولفناه“.

هذا التأخر لم يقتصر تأثيره على المواطنين فقط، بل طال التجار الذين تضرروا بسبب الأشغال الممتدة في عدة شوارع رئيسية مثل شارع الحسن الثاني وخط حي الهدى. الإغلاق المتواصل للمسارات أثر سلبًا على الحركة التجارية وصل حد إغلاق مجموعة من المحلات التجارية بشكل نهائي.

وعود تبخرت

رغم أن مشروع “أمل واي” يُعد جزءًا من رؤية واسعة لتحسين النقل الحضري في أكادير، إلا أن عراقيل التنفيذ بدت واضحة. الخط الأول للمشروع، الذي يمتد على مسافة 15.5 كيلومترًا ويتضمن 35 محطة توقف و5 أقطاب للتبادل، لم يكتمل بعد، رغم تخصيص ميزانية ضخمة لذلك.

وتُرجع الجهات المسؤولة التأخير إلى عدة عوامل، أبرزها غياب البنية التحتية الجاهزة لتشغيل الحافلات، مثل المسارات المخصصة التي لا تزال فارغة، إضافة إلى تعثر العقود مع الشركات المشغلة. الحافلات، التي كانت تُعتبر خطوة نحو الحداثة في مجال النقل، لا تزال متوقفة منذ الإعلان عن تجربتها الأولى في يوليوز الماضي، ما زاد من حدة الانتقادات.

التأخر في مشروع “أمل واي” بأكادير أعاد للأذهان تجارب مشابهة في مدن مغربية أخرى، مثل مراكش، التي واجهت مشاكل مشابهة في تشغيل الحافلات الحديثة. هذه التجارب أثارت مخاوف سكان أكادير من أن يلقى مشروعهم نفس المصير، خاصة مع عدم وجود مؤشرات واضحة على قرب تشغيل الحافلات.

والي الجهة .. الحاضر، الغائب ؟ 

تعثر المشروع لم يتوقف عند الانتقادات الشعبية فقط، بل وصل إلى قبة البرلمان. بفعل غياب أي رقابة من السلطات المحلية في شخص والي الجهة السعيد أمزازي  المنوط له تسريع و تجويد الأشغال و احترام البرنامج الزمني المحدد. هذا الوضع دفع النائب حسن أومريبط، عن فريق التقدم والاشتراكية إلى توجيه، سؤال كتابي إلى وزير الداخلية حول أسباب تأخر تشغيل الحافلات. وأشار النائب إلى أن المشروع كان يُفترض أن يُخفف من أزمة النقل الحضري ويخدم أكثر من 105,000 مواطن، لكن الواقع يعكس معاناة يومية للساكنة الذين يجدون أنفسهم بلا حلول عملية للتنقل.

مسؤولية من؟

المشروع الذي تشرف عليه شركة “Grand Agadir pour la Mobilité et le Transportation Urbain SA”، وتنفذه شركة “Générale Routière”، خصص له غلاف مالي بلغ 5.38 مليون درهم لتطوير البنية التحتية، بما في ذلك تجهيز قطب التبادل وادي الطيور، على أن تُنجز الأشغال خلال 6 أشهر. لكن التأخر المستمر في التنفيذ يعكس تحديات كبيرة أمام تحقيق الأهداف المعلنة، خاصة مع اقتراب مواعيد استحقاقات دولية، مثل كأس إفريقيا 2025 وكأس العالم 2030، التي تستعد المدينة لاستضافتها.

مشروع “أمل واي” الذي كان من المفترض أن يضع أكادير في مصاف المدن المتقدمة من حيث النقل الحضري، أصبح اليوم مرادفًا للإحباط والتأخير مثله مثل العديد من المشاريع الملكية بالمدينة و العالقة في مرحلة التنفيذ.

وبينما ينتظر المواطنون تحقيق وعود المشروع، في ظل هذه المعطيات، يبقى السؤال مفتوحًا: متى ستتحول وعود “أمل واي” إلى واقع؟ ومتى ستنتهي معاناة ساكنة أكادير مع النقل الحضري و مع المشاريع الفاشلة ؟.

أترك تعليقا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *