تعريف الاعتكاف:
هو في اللغة: الحَبس, والمكث, واللُّزوم.
وفي الشَّرع: المكث في المسجد من شخص مخصوص بصفة مخصوصة, ويسمى الاعتكاف جوارًا.
وعَرَّفَه بعض العلماء بقوله: فمعنى الاعتكاف وحقيقته: قطع العلائق عن الخلائق للاتصال بخدمة الخالي.
التَّعاريف تختلف بحسب منهج المُعَرف, فالتَّعريف الأول نَظَر إلى حد الاعتكاف الشرعي, ليُخرج به ما ينافيه من مُبطلات ومكروهات. والتَّعريف الثاني نَظَر إلى ثَمَرة الاعتكاف التي لا تحصل إلاَّ بقطع القلب عمَّا سوى الله, وهذه حقيقة الاعتكاف عند ذَوي البصائر؛ لأنَّه لا يُؤتي ثماره إلاَّ بتَحَقُّق تلك الحقيقة؛ فاعتكاف الصَّالحين انقطاع عن الخلق, وأنس بالله, ونسيان للشَّهَوات والرَّغبات الطبعيَّة. ولَعَلَّ هذا هو السر في امتناع النبي عن مثل ذلك, فقد كان يشدُّ مئزره, وذلك كناية عن الإقلال منَ الطَّعام والشَّراب والجماع.
وكُلَّما قويت المعرفة بالله والمحبة له والأنس به، أورثتْ صاحبها الانقطاع إلى الله تعالى بالكُليَّة على كل حال.
كان داود الطَّائي يقول في ليله: هَمُّك عطل عليَّ الهموم، وحالف بيني وبين السهاد, وشوقي إلى النَّظَر إليك أوثق مني اللذات، وحال بيني وبين الشهوات.
وكان بعضهم لا يزال منفردًا في بيته خاليًا بربه. فقيل له: أما تستوحش؟ قال: كيف أستوحش وهو يقول: أنا جليس مَن ذَكَرني.
أَوْحَشَتْنِي خَلَوَاتـي *** بِكَ مِنْ كُلِّ أَنِيسِي
وَتَفَـرَّدتُ فَعَايـنْ *** تُكَ بِالْغَيْبِ جَلِيسي
قال الإمام البخاري: باب الاعتكاف في العشر الأواخر, والاعتكاف في المساجد كلها؛ لقوله تعالى: {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آَيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} [البقرة: 187].
عن عثمان بن عطاء عن أبيه قال: إنَّ مثل المعتكف مثل المُحْرم ألقى نفسه بين يدَي الرحمن، فقال: والله لا أبرح حتى ترحمني.
عن عائشة -رضيَ الله عنها- قالت: “كان النَّبيُّ إذا دخل العشر شدَّ مئزره, وأحيا ليله, وأيقظ أهله”
وعن عائشة -رضيَ الله عنها- قالت: “كان رسول الله إذا دخل العشْرُ أحيا اللَّيل, وأيقظ أهله, وجدَّ وشدَّ المئزر”
قالت عائشة رضي الله عنها: “كان رسول الله يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره”
عن علي بن أبي طالب -رضيَ الله عنه- قال: “كان رسول الله يوقظ أهله في العشر الأواخر من شهر رمضان, وكل صغير وكبير يطيق الصلاة”
عن عائشة -رضي الله عنها- زوج النَّبي : “أنَّ النَّبي كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتَّى توفَّاه الله, ثم اعتكف أزواجه من بعده”
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: “أنَّ رسولَ الله كان يعتكف في العشر الأوسط من رمضان, فاعتكف عامًا حتَّى إذا كان ليلة إحدى وعشرين -وهي اللَّيلة التي يخرج من صبيحتها من اعتكافه- قال: “من كان اعتكف معي فليعتكف العشر الأواخر, وقد أريت هذه الليلة ثم أنسيتها, وقد رأيتني أسجد في ماء وطين من صبيحتها, فالتمسوها في العشر الأواخر, والتمسوها في كل وتر“. فمطرت السَّماء تلك الليلة وكان المسجد على عريش, فَوَكَفَ المسجد فبصرت عيناي رسولَ الله على جبهته أثر الماء والطين من صبح إحدى وعشرين
عن عائشة -رضي الله عنها- زوج النَّبي قالت: “وإن كان رسول الله ليُدْخِل عليَّ رأسه وهو في المسجد فأرَجِّلُه, وكان لا يدخل البيت إلاَّ لحاجة إذا كان معتكفًا”
عن عُيَيْنة بن عبدالرحمن عن أبيه قال: “كان أبو بكر يُصَلي في رمضان كصلاته في سائر السنة, فإذا دخلت العشر اجتهد”[13].
اعتكاف النساء:
عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: “كان النَّبيُّ يعتكف في العشر الأواخر من رمضان, فكنتُ أضرب له خباءً فيُصَلِّي الصبح ثم يدخله, فاستأذنت حفصة عائشةَ أن تضرب خباء، فأذنتْ لها فضربت خباء, فلما رأته زينب بنت جحش ضربت خباء آخر، فلمَّا أصبح النَّبي رأى الأخبية فقال: “ما هذا؟” فأُخبر, فقال النبي : “آلبر تُردن بهن؟” فترك الاعتكاف ذلك الشهر، ثم اعتكف عشرًا من شوال”[14].
عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: “اعتكفتْ مع رسول الله امرأةٌ من أزواجه مستحاضة, فكانت ترى الحمرة والصفرة, فربَّما وضعنا الطست تحتها وهي تصلي”[15].