خيم التوجس والخوف و”غياب الثقة” على اليوم الأول والنصف الأول من اليوم الثاني، من عمليات الإحصاء العام للسكان والسكنى 2024، إذ وجد عدد من الباحثين والباحثات صعوبات متفاوتة في إقناع المواطنين بجدوى الإدلاء بمعلومات، والإجابة عن الأسئلة المدرجة في الاستمارات.
وعجز الباحثون، في عدد من المدن والمناطق الحضرية على الخصوص، عن فك عقدة الألسن، بعد أن رفع المستجوبون شعار “الصمت حكمة”، و”الفم المغلق لا تدخله ذبابة”، أو “سبق الميم ترتاح”، في انتظار ما تسفر عنه الأيام المقبلة، أو على الأقل حتى يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود وباقي الألوان الأخرى.
ويؤمن عدد من المواطنين بمقولة “لا يدخل أولا إلى السوق غير الباجدة”، وهم يستحضرون عددا من القصص والحكايات، حيث تعرض الأشخاص الذين يسبقون إلى الكلام والفعل والمبادرة إلى مقالب تصل حد “الدخول” في مشاكل، هم في غنى عنها.
وحمل اليوم الأول، وربما في الأيام التي تليه في الأسبوع الجاري، عنوان جس النبض، في ظل “التأويلات” التي انتشرت على نطاق واسع، وعززتها تصريحات مشاهير ومؤثرين في وسائل التواصل الاجتماعي، ومفادها استغلال المعطيات والمعلومات الشخصية، التي سيدلي بها المواطنون، في رفع المؤشر وحرمانهم، بالتالي، من الاستفادة من الدعم الشهري، وبعده، باقي المبادرات الأخرى المندرجة في نظام الحماية الاجتماعية.
ولا يختلف الوضع الحالي عن عمليات الإحصاء السابقة في 2004 و2014 على الأقل، إذ تتصدر المشهد، في الأيام الأولى، فئات المستجوبين التي لها موقف مسبق من هذا الإجراء، وتعتبره عملا “تجسسيا” على الحياة الشخصية، واقتحاما للمنازل، وحشرا لأنوف الآخرين في شؤون الغير، واطلاعا على الأسرار المالية والاجتماعية والأسرية.
وربما بسبب ذلك، شوهد عدد من الباحثين يحملون لوحات إلكترونية وشارات مميزة ويعتمرون قبعات، يتجولون في أزقة وشوارع وقرب منازل وتجمعات سكنية ومحلات تجارية وأسواق، في وضعية “تيه”، وبعضهم يحاول أن يعرف بنفسه، بإلقاء السلام على المارة والراجلين والتجار، دون أن يلقى أي تجاوب.
وقال مراسلو يومية “الصباح” في عدد من المدن إن أرباب أسر أعطوا تعليمات إلى أبنائهم بعدم فتح الباب للباحثين في الإحصاء، أو التأكد من هوية الطارق قبل الفتح، علما أن بعض الأسر لم تنه، بعد، أيام العطلة الصيفية، وهو “الخبر” الذي يتكلف الجيران بإيصاله بصوت مرتفع إلى الباحث دون تحفظ: “بلا ما تبقا دق في داك الباب، مواليه مسافرين”!
وتتعدد مشاهد التوجس الأولى من عمليات الإحصاء في عدد من المناطق، بينما اعتبرها مواطنون آخرون مسألة روتينية عادية، وانخرطوا فيها بحماس كبير، ظهر من خلال صورة لباحثة شابة، “استضافتها” أسرة بمقاطعة المعاريف بالبيضاء أمام باب المنزل بكرسي وبراد شاي وطبق حلوى، وكانت فرحة، وهي تمرر أناملها على لوحتها الإلكترونية.
وحسب باحثين، من المقرر أن تحمل الأيام المقبلة انفراجا في سلوك عدد من المواطنين الذين سيلتحقون بالعملية تدريجيا، بعد أن يتأكدوا من طبيعة الأسئلة العادية المدرجة في الاستمارات، ويتأكدوا أكثر أن القانون يقف في صفهم، إذ يعتبر أي تصرف، أو استغلال قضائي أو مالي، لمعلومات يدلي بها المستجوبون، جريمة يعاقب عليها القانون.
عن – الصباح