رؤساء جماعات ‎أشبـ ـاح بتاونات يسيرون شؤون الجماعة بالهاتف من الرباط و فاس

المهدي نهري

لف الغموض مفهوم «الموظف الشبح»، إذ لا وجود لهذا المصطلح في قاموس الوظيفة العمومية وفي القوانين المنظمة لها. لكنه يطلق عادة على «كل شخص يستفيد من وضعية إدارية طبيعية ويتوصل بأجرة ومستحقات دون أداء أي مهمة مقابل ذلك، ودون أن يكلف نفسه عناء التنقل إلى مقر العمل».

صحيح أن الموظفين والأطر الأشباح بالجماعات الترابية يشكلون القوة الضاربة وأن نسبة الشبحية الوظيفية فاقت كل التوقعات، إلا أن آثارها على ميزانية الدولة أصبحت تتطلب وقفة تأمل، سيما في ظل الحديث عن عبء مالي سنوي يقدر بـ42 مليار درهم في القطاع العمومي فقط.

ليس الموظف الشبح هو الذي لا يكلف نفسه عناء التنقل إلى مقر العمل، إن وجد، بل هو الذي يعتبر الراتب المحول لحسابه البنكي ريعا، خاصة وأن تركيبة الأشباح لا تقتصر على صغار الموظفين بل تمتد لتشمل الأصدقاء والمقربين وزوجات موظفين كبارا في إدارات عمومية أخرى، أو أقارب مسؤولين ووزراء وأمناء عامين لأحزاب ونقابات ورؤساء جماعات التحقوا، في ظروف غامضة بأسلاك الوظيفة العمومية دون أن يؤدوا لها أي خدمة.

حسب تقارير صادرة عن المجلس الأعلى للحسابات، فإن المبلغ السنوي الذي يبتلعه أشباح الجماعات الترابية وحدها يصل إلى 26 مليار درهم، بل إن العدوى امتدت لممثلي الأمة وموظفي الغرفة الأولى، حيث تكون المسؤولية الحزبية بمثابة المظلة التي تحمي من تبعات الغياب والطرد.

في الملف الشهري لـ ” حقائق24 ” ، رصد لأشهر رؤساء الجماعات الأشباح بإقليم تاونات أثقلوا كاهل ميزانية الدولة، في ضرب صريح للحديث الشريف: «أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه».

و يسجل غياب مستمر لرؤساء مجالس جماعية عن مقرات جماعات ترابية يسيرونها بإقليم تاونات ، حيث يكتفون بالتواصل مع رؤساء المصالح وبعض المستشارين عبر الهاتف، ويديرون في المقابل مشاريعهم الخاصة، و تبقى وضعية أعضاء مجالس انتخابية، بينهم نواب لرؤساء، تظهر عدم مزاولتهم لأي نشاط مهني إلى جانب صفتهم الانتخابية، و يمكن تصنيفهم ضمن خانة العاطلين، وفق معايير وضوابط سوق الشغل.

وجاء الظهير بتنفيذ القانون رقم 78.00، المتعلق بالميثاق الجماعي، واضحا بشأن الغياب المستمر لرؤساء مجالس جماعية عن مقرات الجماعات الترابية، الذي يربك السير العادي لهذه المرافق الحيوية، إذ نصت المادة 31 منه على أنه “يمكن لموظفي وأعوان الدولة أو الجماعات المحلية أو المؤسسات العامة الذين تم انتخابهم ورؤساء المجالس الجماعية أن يحظوا بالأسبقية أو بالتسهيلات اللازمة لانتقالهم قرب مقر جماعتهم، دون الإضرار بالمرفق العام، وحسب الضرورة الملحة. كما يستفيدون أيضا، بحكم القانون، من رخصة استثنائية أو إذن بالتغيب مدة يوم كامل أو مدة نصف يوم، مرتين كل أسبوع، مع الاحتفاظ بكامل المرتب، دون أن يدخل ذلك في حساب رخصتهم الاعتيادية”.

وفي السياق ذاته حاول موقع “حقائق 24 ” التواصل مع رئيس جماعة غفساي داخل مقر الجماعة إلا أن غيابه المتكرر عن مقر الجماعة و تدبيره لمصالح المواطنين من مدينة فاس حال دون لقائه لمناقشة حصيلته على رأس جماعة غفساي .

و ربط الموقع الاتصال برئيس الجماعة الذي أكد خلال مكالمته أنه لا يلج مقر الجماعة كثيرا و مشغول بمشاريعه الخاصة و عائلته حسب قوله . و أضاف أن معظم نوابه كذلك لا يلجون مفر الجماعة لإرتباطهم بأعمال أخرى أو لكونهم أساتذة و معلمين .

من جهة أخرى اشتكى مواطنون بجماعة فناسة باب الحيط طيلة الفترة الماضية من الغياب المتكرر لرئيس الجماعة عن مكتبه وهو ما عرض الكثير من مصالحهم “للضياع” وتأخر مسطرة استكمال مجموعة من الأغراض الإدارية التي تعتبر المصالح الجماعية جزء منها.

وقال مواطنون إن جماعة فناسة باب الحيط تتأخر بشكل كبير وغير مبرر في منح الوثائق الإدارية لأصحابها في أجال معقولة بسبب عدم توقيع الرئيس عليها، مشيرين في هذا السياق أنهم يتفاجؤون في كل مرة بتأجيل تسليمهم الوثائق الإدارية من قبل المصالح الجماعية المعنية.

و غير بعيد عن جماعة فناسة باب الحيط يلاخظ الغياب المتكرر لليرلماني و رئيس جماعة بوهودة عن مقر الجماعة و مكتب الرئاسة ، في حين يتم تسير أمور الجماعة عبر الهاتف من الرباط و فاس . و حين طرح سؤال أين الرئيس ؟ يكون الجواب دائما “الرئيس في البرلمان” .

 

و بجماعة عين معطوف فغياب الرئيس التجمعي و إستقراره بين الرباط و تاونات يطرح أكثر من علامة ٱستفهام ، حيت أنه لا يوجد أي مخاطب وسط الجماعة في ضل غياب الرئيس ، بينما النائب الأول للرئيس المفوض له لا يبرح المقهى المقابل للجماعة ، بينما المرتفقين يبحثون عن الرئيس أو من ينوب عنه داخل مكاتب مقر الجماعة .

و إستغرب مواطنون من تسير الجماعة بمنطق الضيعة الفلاحية ، حيت أن الأعضاء و النواب لا يمكن لهم التدخل فأي موضوع او إتخاد أي قرار دون الاتصال بالرئيس رغم غيابه .

وأثر الغياب الدائم للرئيس واستقراره الفعلي بين الدار البيضاء فاس و الرباط ساهم في تدهور الخدمات الإدارية المقدمة للمرتفقين مما أدى إلى إحباط السكان وانسداد الأفق لدى الموظف الجماعي، وسيادة نوع من التّسيُّب واللاقانون وفقدان الإدارة بوصلة خدمة المواطن

و حاول موقع “حقائق 24الاتصال بالتجمعي بوشتى بوصوف، رئيس المجلس الجماعي، غير أن هاتفه ظل يرن بلا مجيب رغم الاتصالات المتكررة.

أترك تعليقا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *