البراديغم وتحول البراديغم عند توماس كون

محمد أسهيلي-

يعتبر البراديغم ذاك النموذج الفكري،أو الإطار النظري لعلم ما،وهو نمط تفكير في علم ما أو العلم بصفة عامة، ويمكن اعتبار أي تخصص علمي له براديغم جاص، وهنا يمكن الإشارة أن هناك براديغمات متعددة،تخضع لمنطق ذلك العلم، سواء في العلوم الحقة،او العلوم الإنسانية، فكثير مانسمع عن براديغم علم الإجتماع، الفلسفة والفيزياء،والكمياء.

قبل عرض مختلف الدلالات التي يكتسيها هذا المفهوم يجدر بنا أولا أن نحدد أصله الإشتقاقي، فمن وجهة نظر اشتقاقية يعود مصطلح paradigme،مباشرة إلى الكلمة اللاتينيةparadigma، أما أصله الغير المباشر فهو الكلمة الإغريقية paradeïgma، الذي يعني”نموذج”،أو”مثال”و paradeïgmaيرجع بدوره إلى الفعلparadeïkmunaïالذي يعني”قارن”هذا من جانب .

ومن جانب أخر تتركب كلمة paradeïgmaمن عنصرين:para التي تفيد الشمول و deïgmaالتي تعني”مثال”أو”نموذج”.1
ويعني البراديغم اصطلاحا”ذاك النموذج الذي يشكل البناء التحتي لفكر ما ويحدد بنيته ويطرح أسئلة حوله،فضلا عن هذا ينظم معطياته وفق بنى ومحيطات متعددة هذا من جهة، ومن جهة أخرى يعتبر البراديغم في الفكر السياسي، والإجتماعي العام الحديث، هو نطاق أو محيط في داخله نفكر بالمشاكل المتعلقة بالمجتمع والدولة.
*تحول البراديغم حسب توماس كون*
مصطلح استخدمه”توماس كون” للمرة الأولى في كتابه” بنية الثورات العلمية” سنة 1962م، وكان الهدف من البراديغم هو تفسير عملية ونتيجة التغيير الذي يحدث ضمن المقدمات، والفرضيات، الأساسية لنظرية لها القيادة للعلم في مرحلة محددة من الزمن .
_تحول البراديغم هو الثورة العلمية، إنه الثورة في النمط العلمي بشكل أدق ، وتحدث الثورة العلمية عند ما يواجه العلماء مشاكلا لا يمكن حلها حسب هذا النمط السائد عالميا، ولهذا يجب حل هذه المشاكل، بمعنى تجاوز هذا النمط بالإضافة إلى تكوين نظرية جديدة، والبرادبغم لا يعني هذه النظرية الجديدة بل هو رؤية للعالم والتي تحتوي على هذه النظرية،وكل المعاني المتضمنة داخل هذه الرؤيا حسب “توماس كون”.

كل براديغم يحتوي على مشاكل معينة، يتعامل معها العلماء على أنها حد أدنى ومقبول من الخطأ ويتم تجاهلها ولا يلتفت إليها،(وهذا خلاف أساسي يعارض فيه”كون” مبدأ التخطئة “لكارل بوبر” الذي يعتبر امكانية الخطأ هو أساس ومحور أن تكون النظرية علمية.

_وتتحول إنجازات علمية في تاريخ العلم إلى براديغمات يتطلب تميزها بخاصيتين هما
أ. أن تكون عظيمة الشأن وغير مسبوقة.
ب.أن تكون مفتوحة ورحبة تفتح الأبواب أمام جميع أنواع المشكلات لكي يتولى حلها المشتغلون بالعلم بمفهومه الجديد.
فقد اعتقد “كون”أنه خلال مراحل النشاط العلمي العادي يشتغل الباحثون ضمن نفس البراديغم أو أقل: ضمن نفس التقاليد فتمخض عنه أنماط التواصل والإشتغال العلمي دون عائق،إلى أن تبرز بعض الأمور الشاذة،أوتقترح نظرية جديدة أو نموذج فتحدث أزمة في أسس ذلك العلم السوي لعجزه عن تفسير تلك الأمور الشاذة،فتتحول النماذج المقترحة الجديدة إلى علم سوي جديد.
مما يعني احلال فرضيات جديدة محل أخرى قديمة، وهنا سنبرز الخطاطة التي رسمها”توماس كون”لفهم مجرى العلم،(ماقبل العلم)+(العلم)+(الأزمة)+(ثورة علمية) +(علم سوي) .
إن البراديغم هو رؤية للعالم تخص زمن معين، ومن داخله توجد نظريات علمية تفكر من خلاله، وفي حدوده،وهو نمط من التفكير ليس مطلقا أوصالحا لكل زمن ومكان، بل يعمه التقادم، ويضل صالحا إلى أن تظهر الأزمة في العلم، فيتحول البراديغم، إلى ثورة علمية ليصبح العلم سويا من جديد حسب “توماس كون”.

 

أترك تعليقا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *