عدم تنفيذ أحكام الشغل .. خرق للدستور وضياع لحقوق العمال

إن عدم تنفيذ الأحكام القضائية النهائية الصادرة لفائدة العمال في ملفات نزاعات الشغل، خصوصا الجماعية، يفرغ معايير الشغل والحماية القانونية للعمال من أي محتوى، وهو خرق للدستور الذي ينص في فصله 126 على أن “الأحكام النهائية الصادرة على القضاء ملزمة للجميع”.

المحامي بهيئة الرباط محمد صادقو تطرق لـ”إشكالية تنفيذ الأحكام القضائية في نزاعات الشغل”، موضوع الندوة التي نظمها فرع الرباط للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وأشار بداية إلى أن مآل أي علاقة شغل من الطبيعي أن يكون هو النهاية يوما ما، سواء من طرف العامل أو رب العمل، سواء بسبب خطأ من الأجير أو بتعسف من المشغل.

ومن الطبيعي أيضا، يضيف صادقو في الندوة التي نظمت ليلة الجمعة بالرباط، أن يلتجأ العامل ضحية الطرد التعسفي إلى القضاء لجبر الضرر، وغالبا ما تصدر أحكام بالتعويض، بعد سنوات قد تصل إلى خمس، واستثناء أكثر. لكن الإشكال يطرح بعد صدور الأحكام ويتعلق بتنفيذها، وهو ما ليس طبيعيا في نظر المحامي.

صادقو أوضح أن التنفيذ، في النزاعات الجماعية، يتم على ممتلكات الشركة، العقارية منها والمنقولة. والإشكال بهذا الخصوص يطرح لمّا تكون الشركة في وضعية إغلاق لا قانوني، وذلك على مستويين؛ حالات ترجع إلى الإغلاق، وحالات مرتبطة بشركات الوساطة؛ إذ غالبا ما تعتمد الشركة المنتجة على عمال تابعين لشركة الوساطة التي لا تملك شيئا وتشغّل عمالا كثرا، ففي حال اللجوء إلى التنفيذ لا تكون هناك ممتلكات، والعامل لا يجد على ماذا ينفذ.

حالات الإغلاق يدخل ضمنها حالة الشركة التي تمتلك فقط منقولات لا قيمة كبيرة لها وثمنها لا يمكن أن ينفذ أحكاما كثيرة. وحالة الشركة التي تمتلك عقارا ومنقولات؛ فالمنقولات، كما في الحالة الأولى، تكون بخسة الثمن، والعقار يكون مثقلا بالرهون التي تعطى لها الأولوية. وفي حالة ما إذا لم تكن هناك رهون، فغالبا ما توجد ديون، خاصة لفائدة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي؛ حيث يكون رب المعمل يقتطع من أجور العمال دون أن يؤدي مستحقات الصندوق، ولإدارة الضرائب، وهنا تتساوى حقوق العمال مع حقوق هاتين المؤسستين، فتتم المحاصصة، وبالتالي لا يستوفي العمال حقوقهم، وذلك إذا لم تتّبع إدارة الشركة المسطرة التجارية.

صادقو أضاف أن هناك حالات أخرى؛ حيث يعمد المشغل إلى تهريب المنقولات، ويكون العقار مستأجرا، وبالتالي فإن تنفيذ الأحكام يصبح مستحيلا، “فيعتقد العمال بأن المشكل مع المحامي”.

المحامي بهيئة الرباط وقف على حالات إغلاق أخرى يتّبع فيها المشغل مسطرة معالجة صعوبة المقاولة؛ بحيث تصدر أحكام بالتصفية القضائية للشركة التي عليها ديون أكثر من الأصول. ولما يتعلق الأمر باختلال، يتم اللجوء إلى مسطرة التسوية القضائية التي يمكن أن تستغرق عشر سنوات، وتقضي بإعطاء الأسبقية للديون اللاحقة على صدور الحكم بالتسوية قبل ديون التسوية.

وفي التصفية القضائية، يتم التصريح بالديون وانتظار البيع والتوزيع. يباع المنقول ذو القيمة الضعيفة، وبعد المحاصصة يحصل العامل على مبلغ هزيل، يورد صادقوا متسائلا: “فهل يستفيد منه أو يؤدي به أتعاب المحامي؟”، ليجيب “عمليا، العامل لن يحصل على حقه”، إلا في حالة واحدة.

الأمر هنا يتعلق بحالة الإفلاس بسبب أخطاء التسيير؛ حيث تعيّن المحكمة “سانديك” هو الذي له حق تحريك المتابعة، وغالبا ما لا يكون ذلك في صالحه فلا يتبع المسطرة. وفي حال تحريك المتابعة، تنتصب أمامه صعوبة ضبط ممتلكات المشغل. و”هنا يلزم العامل جهد كبير ووقت طويل، ويمكن أن يحصل على حقه بعد عشر سنوات”، بتعبير المحامي.

“خلاصة القول، لا ضمانات في القانون لحماية حقوق العمال بعد الطرد. وعدم تنفيذ الأحكام المرتبطة بنزاعات الشغل يخلف كارثة اجتماعية كبرى، فبالإضافة إلى أن ضحاياه لا يحصلون على تعويضاتهم، ولأنه خلال عملهم لم يكونوا يستفيدون من التصريح لدى الضمان الاجتماعي بشكل منتظم، فإن حقهم في التقاعد أيضا يضيع”، يختم المحامي بهيئة الرباط محمد صادقو مداخلته.

أترك تعليقا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *