يفكّك رشيد المعيفي رئيس الجماعة الترابية لإنزكان المشاكل التي باتت تحاصر بلدة “الأسواق” في سوس ماسة، والمداخل التي يقترحها بمعية فريقه الجماعي داخل مؤسسة المجلس من أجل تجاوز ما تراكم من اختلالات، وما ينتظر من رهانات. ويكشف المعيفي، في حوار مع مجلة “حقائق مغربية” عن رؤيته التدبيرية لتجاوز معضلات إنزكان، وربح رهانات سبق وأن كانت وعودا انتخابية في محطة انتخابات 8 شتنبر 2021.
توصف جماعة إنزكان بأنها بلدة الأسواق. هل الأمر مرتبط ببنياتها، أم أنها فقط للاستهلاك وتحقيق رواج لم ينعكس على جاذبيتها؟
الجميع يتفق على أن مدينة إنزكان هي مدينة الأسواق التي تحتوي على أكثر من 14 مرفا اقتصاديا حيويّا تمثل قوة المدينة. لكن هذه القوة الاقتصادية، والتجارية – لحد الآن – لم تنعكس إيجابا على المدينة، وهو ما جعلنا اليوم،كمجلس مسيّر للمدينة، نفكر في ضرورة استفادة الساكنة والأحياء من موارد هذه المرافق الإقتصادية، وأتمنى، صادقا، رفقة أعضاء المجلس، أغلبية ومعارضة، أن ننجح في هذا التوجه في القريب العاجل .
في كل مرحلة انتدابية من المجلس الجماعي، تثار قضية الأسواق وصراعها مع مؤسسة الجماعة. وهو ما عكسه الصراع بينكم، كمجلس، وبين ملاك سوق الحرية. لماذا هذا الخصام ولمصلحة من؟
أكيد أن الجماعة اليوم تتخبّط في مجموعة من المشاكل، أهمها هو المشكل القائم اليوم بين الجماعة وشركة تدبير سوق الحرية. هذا المشكل مشكل قديم وليس حديثا. وعند تولينا المسؤولية بادرنا إلى إجراء حوار مع المعنيين بالأمر من أجل الوصول إلى حل، لكن دون جدوى، ما جعلنا نتخذ قرارا بفسخ عقد الاستغلال من طرف واحد. واليوم الأمور معروضة أمام القضاء للحسم فيها، ولنا ثقة كبيرة فيه، لكي يأخذ كل ذي حقّ حقه، في إطار ما يكفله القانون. هناكعقد ومجموعة من الوثائق تم الإدلاء بها لفسخ العقد، ونحن لن نقبل بالابتزاز، والمساومة. نحن نؤمن بأن للجماعة الحقّ في الحصول على مستحقاتها، وكذلك لنا الحق لكي نحفظ حقوق التجار، فسوق الحرية اليوم سوق المدينة والساكنة، وليس سوق الأفراد ، والتاجر هو الحلقة المهمّة في هذا النزاع، ونحن هنا لكي ندافع عن حقوقه، ونتمنى أن نوفّق في هذا .
أطلقتم خلال الحملة الانتخابية وعودا للساكنة، لكنها سرعان ما تبددت بعد وصولكم لدفة التسيير، ووقوفكم على حجم الإكراهات،والمشاكل، والموارد. هل ما زلتم تحلمون بتلك الإنتظارات الحالمة؟
خلال الحملة الإنتخابية قدّمنا عددا من الوعود،حقيقة لم تكن وعودا من أجل الانتخابات بقدر ما كانت وعودا صادقة، ومنبثقة من فهم المجال، لأننا من أبناء هذه المدينة، وترعرعنا في حي الجرف،وتراست، وإنزكان. وندرك حاجياتها، والمشاكل التي تتخبّط فيها منذ مدة، وعلى جميع المستويات. فما كنا نؤمن به في الحملة الإنتخابية، وما قمنا بتسويقه انتخابيا، كنا نؤمن به حقيقة من دون نفاق. اليوم ونحن في المسؤولية، ما زلنا على نفس النهج، ونفس الوعود، رغم وجود مجموعة من الإكراهات، لكن لدينا إيمان قوي كمجلس، بأننا سننجح بتضافر جهودنا كأعضاء، ومجتمع مدني،وسلطة إقليمية تدعم المجلس رغم كل ما يشاع.
لدينا كفاءات شابة تساند الرئيس والمنظومة ككل، وبالتأكيد هناك مطبّات، هناك مشاكل، هناكصراعات، لكن يبقى إيمان المجلس بنجاح التّجربة قويّا، نظرا لفهمنا الدقيق لما تحتاجه المدينة ومالية الجماعة، فلنا رؤية واضحة لكيفية تنزيل مجموعة من البرامج في أقرب الأوقات. كما أن رهاننا إتمام الاتفاقيات المبرمة،خاصة الخاصة بسياسة المدينة. الأمر ليس بالسهل، لكن بتضافر الجهود، نحن واثقون من أننا سوف ننجح في هذه المهمة.
يرى مراقبون بأن الأغلبية المسيرة لمجلس جماعة إنزكان ما تزال تحتاج لمزيد من الوقت، والنضج حتى تتقوى وتلتئم حول انشغالات مشاريع وهموم وانتظارات الساكنة، فيما تلتزم المعارضة “الصمت الحذر“، خوفا من إثارة ملفات تدبير بعضهم خلال المجالس السابقة. ما حقيقةالأمر؟ وكيف تعملون على رأب الصدع، وتجاوز الخلافات؟
الأغلبية اليوم تتكون من 12 حزبا بتفكير وإيديولوجيات مختلفة، لكن لدينا رؤية واحدة جعلتنا نتّحد من أجل مدينة إنزكان، وهو الأمر الذي سهّل المأمورية في التدبير رغم وجود معارضة تغلب منطق العقلانية والمسؤولية وروح المواطنة وأمن وأمان البلاد وتطور البلاد. المدينة اليوم هي في أعين المجلس، الذي يفهم ما تحتاجه، ويتماشى مع حاجيات المواطنين، إنْ على مستوى البنية التحتية، أو على المستوى التجاري، وفي عدد من القطاعات الأخرى.
إن كان هناك خلاف بين الأغلبية، فهذا شيء طبيعي، وضروري بالنسبة لي كرئيس، لتدبير هذا الاختلاف، أن ألتزم ببعض العقلانية ،وتقديم بعض التنازلات إذا اقتضى الأمر. وعلى هذا النّحو نستحضر في أي خلاف بأن مدينة إنزكان أكبر من الجميع، فهي أكبر من المجلس، ومن مكونات المجلس. مدينة إنزكان التي هي مدينة 155000 مواطن، و80000 زائر يوميا، فهي لجميع المغاربة، ذلك لأن من خلالها يتم الربط بين شمال المملكة وجنوبها. وهي أيضا بوابة للأقاليم الصّحراوية، ما يجعلنا نضع هذه المدينة نصب أعيننا، ونعطيها الأسبقية، والأولوية في جميع القرارات، ونضع الخلافات جانبا. فلا حياة بدون خلاف واختلاف، لكن مع استحضار مصالح المدينة، وساكنتها ووضعها فوق كل اعتبار. كما أنّنا نؤمن بالمعارضة، وبحقها، ودورها في التدبير، لأنها تلعب أحيانا دور المصحّح، لذلك نرحب دوما بالنقد البناء، وليس بالمعارضة من أجل المعارضة فقط. نحن نشتغل بمبدأ أنه “لايمكن إرضاء جميع الناس“، لأن تنزيل الاستراتيجية التي نؤمن بها، بغض النظر عما إن هناك توافق بين الجميع أو لا، تبقى المصلحة العامة هي الأساس والحَگم.
لكن، ما الذي تعدون به ساكنة إنزكان وأنتم على مقربة من نصف الولاية الانتدابية، وما ينتظركم كثير؟
النّاس تتحدث عن نصف الولاية، ونحن نقول أننا نحسب أيام التدبير يوما بيوم، وشهرا بشهر. والآن وصلنا إلى سنة ونصف من التدبير،نسميها ربع الولاية، أخذنا فيها الوقت الكافي للتشخيص، وفهم الإدارة، وفهم إمكانيات الجماعة، وفهم المحيط والمجال. سنة ونصف هي الأساس والقاعدة لما سيأتي مستقبلا، لأنه من دون قاعدة، ومن دون أساس لا يمكن البناء.
البعض يقول نصف الولاية، نحن نقول الرّبع، فنحن فخورون، ومقتنعون بما حقّقناه كمجلس خلال هذه الأيام التي مضت في جميع القطاعات للسّاكنة وللمواطنين، فهم يلمسون التّغيير، على الرغم من أنه طفيف، في انتظار التّغيير المنشود،الذي يهمّ عددا من الأوراش. ما قمنا به لحد الآن كاف لتغيير ملامح هذه المدينة، لأنه لا بدّ من التأكيد والتذكير على أنّنا تسلمنا المسؤولية بعد مرور سنتين من وباء كورونا، وسنة الانتخابات. ما يعني أن مدينة إنزكان ثلاثة سنوات وهي مدينة فارغة وشبه متوقّفة ومدينة بدون روح. تسلّمنا مشعل تدبير الشأن الجماعي في مواجهة هذه المشاكل بكل قوّة، وشجاعة، وبكل عزم وحزم، من أجل إنجاح الولاية الإنتدابية، ونحن واثقون من نجاحها بدعم من الساكنة والمجتمع المدني والسلطات الإقليمية وبدعم المنتخبين والأحزاب كذلك .
تعالت أصوات من أجل اقتناء سينما “كوليزي” على غرار سينما صحراء بأكادير . أين وصل هذا المطلب ؟
سينما كوليزي مرفق تاريخي لمدينة إنزكان، كنا نحضر إليها ونحن صغار في فترة التسعينات.كانت من المرافق المحبوبة لدى الجميع، عاشت فيها وبها أجيال اليوم، فصارت تراث المدينة. ما عملناه هو أنّنا زرنا هاته المعلمة السينمائية،وفتحنا باب التّواصل مع الملاّك، حيث كان لنا لقاء رائع معهم، نشكرهم على تجاوبهم،واعترافهم بأن هذا المرفق يمثّل تاريخ المدينة،وحضارتها، وأنهم مستعدون للتعاون مع المجلس الجماعي لإنزكان، ونحن كمنتخبين، لن نتخلّى عن هذا المرفق، وسوف نباشر كل المجهوداتاللاّزمة للحفاظ على سينما “كوليزي“، بوصفها تراثا، ومعلمة لمدينة إنزكان.
وماذا عن مآل مشروع تصميم التهيئة بجماعة إنزكان؟
نفتخر داخل هذه الولاية، أو بالأحرى في سنة ونصف من التسيير، بإخراج تصميم التهيئة للوجود، وما أدراك ما تصميم التهيئة، والدّور الذي سيلعبه في تهيئة مدينة إنزكان، وفي تقوية البنية العقارية للمدينة. فاليوم بهذا التصميم استطعنا القيام بمجموعة من الأمور الإيجابية،منها استغلال فضاء واد سوس، وجعله مكانا للتّرفيه لسكان المدينة، على غرار مجموعة من الأمور الأخرى الإيجابية، من قبيل المستوصفات،والمدارس، ومراكز الشرطة، والمساحات الخضراء،وملاعب القرب، وتهيئة عدد من البقع الأرضية،والشوارع وغير ذلك من الأمور، التي ستؤثر بشكل إيجابي على المدينة ومحيطها. من دون أن ننسى كذلك ساحة سوق الجملة القديم، التي ستخصص كفضاء شاسع لهذه المدينة،وتجهيزها بمربد تحت أرضي مع مجموعة من التجهيزات الجانبية، وكذا المحطة الطرقية.
أعتقد بأن المجلس توفّق اليوم في إخراج تصميم التهيئة كما نشكر عامل عمالة إنزكان أيت ملول على الدّور القيم، الذي لعبه في هذا الإطار،وأيضا مدير الوكالة الحضرية، وجميع مكوناتها على العمل الكبير الذي قاموا به لإخراج هذا الملف للوجود. كما لا تفوتني الفرصة لأشكر كل مستشاري جماعة إنزكان، وموظفيها على دورهم في إنجاح هذه المهمّة لما فيه صالح هذه المدينة.